الرياء
وهو طلب المنزلة في قلوب الناس بخصال الخير او ما يدل عليها من الآثار. فهو من اصناف الجاه، اذ هو طلب المنزلة في القلوب باى عمل اتفق، والرياء طلب المنزلة بادائه خصال الخير او ما يدل على الخير ثم خصال الخير يشمل اعمال البر باسرها، وهي اعم من العادات ان خصت العبادة بمثل الصلاة والصوم والحج والصدقة وامثال ذلك ومساوقة لها ان اريد بالعبادة كل فعل يقصد به التقرب ويترتب عليه الثواب اذ على هذا كل عمل من اعمال الخير، سواء كان من الواجبات او المندوبات او المباحات في الاصل اذا قصد به القربة كان طاعة وعبادة، وان لم يقصد به ذلك لم يكن عبادة ولا عمل خير، ولو كان مثل الصلاة. وربما خص الرياء عادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة بالمعنى الاخص. و المراد بالآثار الدالة على الخيرية هي كل فعل ليس في ذاته برا وخيرا، وانما يستدل به على الخيرية.
و هي اما متعلقة بالبدن، كاظهار النحول والصفار ليستدل بهما على قلة الاكل او الصوم وسهر الليل، ويوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على امر الدين وغلبة الخوف من الله ومن اهوال الآخرة، وكخفض الصوت ليستدل به على ان وقار الشرع قد خفض صوته... وقس عليها غيرها من الامور المتعلقة بالبدن، الدالة على الخيرية قصدا الى تحصيل المنزلة في قلوب الناس، وكل ذلك يضر بالدين وينافي الورع واليقين، ولذا قال عيسى عليه السلام: "اذا صام احدكم، فليدهن راسه، ويرجل شعره، ويكحل عينيه"، خوفا من نزع الشيطان بالرياء. ثم هذه مراآة اهل الدين بالبدن، واما اهل الدنيا فيراؤن في البدن باظهار السمن وصفاء اللون ونظافة البدن وحسن الوجه وامثال ذلك.
او متعلقة بالزى والهيئة كحلق الشارب واطراق الراس في المشي، والهدوء في الحركة، وابقاء اثر السجود في الجبهة، ولبس الصوف او الثوب الخشن او الابيض وتعظيم العمامة ولبس الطيلسان والدراعة، وامثال ذلك مما يدل على العلم والتقوى او الانخلاع عن الدنيا.
و المراؤن من اهل الدين بالزى واللباس على طبقات: منهم من يرى طلب المنزلة بالثياب الخشة، ومنهم من يرى بالثياب الفاخرة، ومنهم من يرى بالوسخة، ومنهم من يراه بالنظيفة، وللناس فيما يعشقون مذاهب واما اهل الدنيا فلا ريب في انهم يراؤن في اللباس بلبس الثياب النفيسة وركوب المراكب الرفيعة وامثال ذلك.
او متعلقة بالقول والحركات كاظهار الغضب والاسف على المنكرات ومقارفة الناس للمعاصي، ليستدل بها على حمايته للدين وشدة اهتمامه على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع ان قلبه لم يكن متاثرا عن ذلك، وكارخاء الجفون وتنكيس الراس عند الكلام واظهار الهدوء والسكون في المشي، ليستدل بذلك على وقاره، وربما اسرع المرائي في المشي الى حاجة فاذا اطلع عليه واحد رجع الى الوقار خوفا من ان ينسب الى عدم الوقار فاذا غاب الرجل عاد الى عجلته. او متعلقة بغير ذلك كمن يتكلف ان يكثر الزائرون له والواردون عليه (لا) سيما من العلماء والعباد والامراء ليقال ان اهل الدين والعظماء يتبركون بزيارته.
ذم الرياء
الرياء من الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة وقد تعاضدت الآيات والاخبار على ذمه، قال سبحانه: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون﴾. وقال سبحانه: ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾. وقال سبحانه: ﴿ يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾. وقال: ﴿كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ ﴾.
و قال رسول الله-صلى الله عليه وآله-: "ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر" قالوا: وما الشرك الاصغر؟ قال: "الرياء، يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين اذا جازى العباد باعمالهم: اذهبوا الى الذين كنتم تراؤن لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء". وقال -صلى الله عليه وآله-: "استعيذوا بالله من جب الحزن" قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: "واد في جهنم اعد للقراء المرائين". وقال -صلى الله عليه وآله-: "يقول الله تعالى: من عمل لي عملا اشرك فيه غيرى فهو له كله، وانا منه برىء، وانا اغنى الاغنياء عن الشرك" وقال-صلى الله عليه وآله-: "لا يقبل الله تعالى عملا فيه مثقال ذرة من رياء". وقال-صلى الله عليه وآله-: "ان ادنى الرياء الشرك" وقال-صلى الله عليه وآله-: "ان المرائى ينادى عليه يوم القيامة يا فاجر يا غادر يا مرائي ضل عملك وحبط اجرك اذهب فخذ اجرك ممن كنت تعمل له". وكان-صلى الله عليه وآله-يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟ قال "اني تخوفت على امتي الشرك اما انهم لا يعبدون صنما ولا شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولكنهم يراؤن باعمالهم". وقال-صلى الله عليه وآله-: "سياتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم" وقال: "ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل: اجعلوها في سجين انه ليس اياى اراد به" وقال-صلى الله عليه وآله-: "ان الحفظة تصعد بعمل العبد الى السماء السابعة من صوم وصلاة. وتفقه واجتهاد وورع، لها دوي كدوي الرعد وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك، فيجاوزون به الى السماء السابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه اضربوا به جوارحه، اقفلوا به على قلبه، اني احجب عن ربى كل عمل لم يرد به وجه ربي، انه اراد بعمله غير الله، انه اراد رفعة عند الفقهاء وذكرا عند العلماء وصيتا في المدائن، امرني ان لا ادع عمله يجاوزني الى غيرى، وكل عمل لم يكن لله خالصا فهو رياء، ولا يقبل الله عمل المرائى، قال-صلى الله عليه وآله-: وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله تعالى وتشيعه ملائكة السماوات حتى يقطع الحجب كلها الى الله فيقفون به بين يديه ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله، قال: فيقول الله تعالى لهم انتم الحفظة على عمل عبدى وانا الرقيب على نفسه، انه لم يردني بهذا العمل واراد به غيرى فعليه لعنتي فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول السماوات كلها عليه لعنة الله ولعنتنا، وتلعنه السماوات السبع ومن فيهن".
و قال امير المؤمنين عليه السلام: "اخشوا الله خشية ليستبتعذير (17) واعملوا بغير رياء ولا سمعة فانه من عمل لغير الله وكله الله الى عمله يوم القيامة" وقال الباقر عليه السلام: "الابقاء على العمل اشد من العمل" قيل: وما الا بقاء على العمل؟ قال: "يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية ثم يذكرها فتمحى فتكتب له رياء". وقال الصادق عليه السلام: "قال الله تعالى انا خير شريك فمن عمل لي ولغيرى فهو لمن عمل له غيري". وقال عليه السلام: "قال الله تعالى: انا اغنى الاغنياء عن الشريك فمن اشرك معى غيرى في عمل لم اقبله الا ما كان لي خالصا" وقال عليه السلام: "كل رياء شرك، انه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله". وعن ابي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
قال: "الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله انما يطلب تزكية الناس، يشتهى ان يسمع به الناس فهذا الذى اشرك بعبادة ربه" ثم قال: "ما من عبد اسر خيرا فذهبت الايام ابدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الايام حتى يظهر الله له شرا".
و قال عليه السلام: ما يصنع احدكم ان يظهر حسنا ويسر سيئا اليس يرجع الى نفسه فيعلم ان ذلك ليس كذلك والله عز وجل يقول: "بل الانسان على نفسه بصيرة". ان السريرة اذا صحت قويت العلانية. وقال عليه السلام: "من اراد الله بالقليل من عمله اظهر الله له اكثر مما اراده به ومن اراده الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله ابى الله الا ان يقلله في عين من سمعه". وقال عليه السلام لعباد البصرى: "ويلك يا عباد! اياك والرياء فانه من عمل لغير الله وكله الله الى من عمل له". وقال عليه السلام: "اجعلوا امركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فانه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فهو لا يصعد الى الله". وقال الرضا عليه السلام لمحمد بن عرفة: "ويحك يا بن عرفة اعملوا لغير رياء ولا سمعة فانه من عمل لغير الله وكله الله الى ما عمل ويحك ما عمل احد عملا الا اراده الله به ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا".
و كفى للرياء ذما انه يوجب الاستحقار لله وجعله اهون من عباده الضعفاء الذين لا يقدرون نفعا ولا ضرا، اذ من قصد بعبادة الله عبدا من عبيده فلا ريب في ان ذلك لاجل ظنه بان هذا العبد اقدر على تحصيل اغراضه من الله وانه اولى بالتقرب اليه منه تعالى واى استحقار بمالك الملوك اشد من ذلك.
* جامع السعادات / العلامة النراقي_ فصل الرياء.
--
وهو طلب المنزلة في قلوب الناس بخصال الخير او ما يدل عليها من الآثار. فهو من اصناف الجاه، اذ هو طلب المنزلة في القلوب باى عمل اتفق، والرياء طلب المنزلة بادائه خصال الخير او ما يدل على الخير ثم خصال الخير يشمل اعمال البر باسرها، وهي اعم من العادات ان خصت العبادة بمثل الصلاة والصوم والحج والصدقة وامثال ذلك ومساوقة لها ان اريد بالعبادة كل فعل يقصد به التقرب ويترتب عليه الثواب اذ على هذا كل عمل من اعمال الخير، سواء كان من الواجبات او المندوبات او المباحات في الاصل اذا قصد به القربة كان طاعة وعبادة، وان لم يقصد به ذلك لم يكن عبادة ولا عمل خير، ولو كان مثل الصلاة. وربما خص الرياء عادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة بالمعنى الاخص. و المراد بالآثار الدالة على الخيرية هي كل فعل ليس في ذاته برا وخيرا، وانما يستدل به على الخيرية.
و هي اما متعلقة بالبدن، كاظهار النحول والصفار ليستدل بهما على قلة الاكل او الصوم وسهر الليل، ويوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على امر الدين وغلبة الخوف من الله ومن اهوال الآخرة، وكخفض الصوت ليستدل به على ان وقار الشرع قد خفض صوته... وقس عليها غيرها من الامور المتعلقة بالبدن، الدالة على الخيرية قصدا الى تحصيل المنزلة في قلوب الناس، وكل ذلك يضر بالدين وينافي الورع واليقين، ولذا قال عيسى عليه السلام: "اذا صام احدكم، فليدهن راسه، ويرجل شعره، ويكحل عينيه"، خوفا من نزع الشيطان بالرياء. ثم هذه مراآة اهل الدين بالبدن، واما اهل الدنيا فيراؤن في البدن باظهار السمن وصفاء اللون ونظافة البدن وحسن الوجه وامثال ذلك.
او متعلقة بالزى والهيئة كحلق الشارب واطراق الراس في المشي، والهدوء في الحركة، وابقاء اثر السجود في الجبهة، ولبس الصوف او الثوب الخشن او الابيض وتعظيم العمامة ولبس الطيلسان والدراعة، وامثال ذلك مما يدل على العلم والتقوى او الانخلاع عن الدنيا.
و المراؤن من اهل الدين بالزى واللباس على طبقات: منهم من يرى طلب المنزلة بالثياب الخشة، ومنهم من يرى بالثياب الفاخرة، ومنهم من يرى بالوسخة، ومنهم من يراه بالنظيفة، وللناس فيما يعشقون مذاهب واما اهل الدنيا فلا ريب في انهم يراؤن في اللباس بلبس الثياب النفيسة وركوب المراكب الرفيعة وامثال ذلك.
او متعلقة بالقول والحركات كاظهار الغضب والاسف على المنكرات ومقارفة الناس للمعاصي، ليستدل بها على حمايته للدين وشدة اهتمامه على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع ان قلبه لم يكن متاثرا عن ذلك، وكارخاء الجفون وتنكيس الراس عند الكلام واظهار الهدوء والسكون في المشي، ليستدل بذلك على وقاره، وربما اسرع المرائي في المشي الى حاجة فاذا اطلع عليه واحد رجع الى الوقار خوفا من ان ينسب الى عدم الوقار فاذا غاب الرجل عاد الى عجلته. او متعلقة بغير ذلك كمن يتكلف ان يكثر الزائرون له والواردون عليه (لا) سيما من العلماء والعباد والامراء ليقال ان اهل الدين والعظماء يتبركون بزيارته.
ذم الرياء
الرياء من الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة وقد تعاضدت الآيات والاخبار على ذمه، قال سبحانه: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون﴾. وقال سبحانه: ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾. وقال سبحانه: ﴿ يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾. وقال: ﴿كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ ﴾.
و قال رسول الله-صلى الله عليه وآله-: "ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر" قالوا: وما الشرك الاصغر؟ قال: "الرياء، يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين اذا جازى العباد باعمالهم: اذهبوا الى الذين كنتم تراؤن لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء". وقال -صلى الله عليه وآله-: "استعيذوا بالله من جب الحزن" قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: "واد في جهنم اعد للقراء المرائين". وقال -صلى الله عليه وآله-: "يقول الله تعالى: من عمل لي عملا اشرك فيه غيرى فهو له كله، وانا منه برىء، وانا اغنى الاغنياء عن الشرك" وقال-صلى الله عليه وآله-: "لا يقبل الله تعالى عملا فيه مثقال ذرة من رياء". وقال-صلى الله عليه وآله-: "ان ادنى الرياء الشرك" وقال-صلى الله عليه وآله-: "ان المرائى ينادى عليه يوم القيامة يا فاجر يا غادر يا مرائي ضل عملك وحبط اجرك اذهب فخذ اجرك ممن كنت تعمل له". وكان-صلى الله عليه وآله-يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟ قال "اني تخوفت على امتي الشرك اما انهم لا يعبدون صنما ولا شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولكنهم يراؤن باعمالهم". وقال-صلى الله عليه وآله-: "سياتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم" وقال: "ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل: اجعلوها في سجين انه ليس اياى اراد به" وقال-صلى الله عليه وآله-: "ان الحفظة تصعد بعمل العبد الى السماء السابعة من صوم وصلاة. وتفقه واجتهاد وورع، لها دوي كدوي الرعد وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك، فيجاوزون به الى السماء السابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه اضربوا به جوارحه، اقفلوا به على قلبه، اني احجب عن ربى كل عمل لم يرد به وجه ربي، انه اراد بعمله غير الله، انه اراد رفعة عند الفقهاء وذكرا عند العلماء وصيتا في المدائن، امرني ان لا ادع عمله يجاوزني الى غيرى، وكل عمل لم يكن لله خالصا فهو رياء، ولا يقبل الله عمل المرائى، قال-صلى الله عليه وآله-: وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله تعالى وتشيعه ملائكة السماوات حتى يقطع الحجب كلها الى الله فيقفون به بين يديه ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله، قال: فيقول الله تعالى لهم انتم الحفظة على عمل عبدى وانا الرقيب على نفسه، انه لم يردني بهذا العمل واراد به غيرى فعليه لعنتي فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول السماوات كلها عليه لعنة الله ولعنتنا، وتلعنه السماوات السبع ومن فيهن".
و قال امير المؤمنين عليه السلام: "اخشوا الله خشية ليستبتعذير (17) واعملوا بغير رياء ولا سمعة فانه من عمل لغير الله وكله الله الى عمله يوم القيامة" وقال الباقر عليه السلام: "الابقاء على العمل اشد من العمل" قيل: وما الا بقاء على العمل؟ قال: "يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية ثم يذكرها فتمحى فتكتب له رياء". وقال الصادق عليه السلام: "قال الله تعالى انا خير شريك فمن عمل لي ولغيرى فهو لمن عمل له غيري". وقال عليه السلام: "قال الله تعالى: انا اغنى الاغنياء عن الشريك فمن اشرك معى غيرى في عمل لم اقبله الا ما كان لي خالصا" وقال عليه السلام: "كل رياء شرك، انه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله". وعن ابي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
قال: "الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله انما يطلب تزكية الناس، يشتهى ان يسمع به الناس فهذا الذى اشرك بعبادة ربه" ثم قال: "ما من عبد اسر خيرا فذهبت الايام ابدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الايام حتى يظهر الله له شرا".
و قال عليه السلام: ما يصنع احدكم ان يظهر حسنا ويسر سيئا اليس يرجع الى نفسه فيعلم ان ذلك ليس كذلك والله عز وجل يقول: "بل الانسان على نفسه بصيرة". ان السريرة اذا صحت قويت العلانية. وقال عليه السلام: "من اراد الله بالقليل من عمله اظهر الله له اكثر مما اراده به ومن اراده الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله ابى الله الا ان يقلله في عين من سمعه". وقال عليه السلام لعباد البصرى: "ويلك يا عباد! اياك والرياء فانه من عمل لغير الله وكله الله الى من عمل له". وقال عليه السلام: "اجعلوا امركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فانه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فهو لا يصعد الى الله". وقال الرضا عليه السلام لمحمد بن عرفة: "ويحك يا بن عرفة اعملوا لغير رياء ولا سمعة فانه من عمل لغير الله وكله الله الى ما عمل ويحك ما عمل احد عملا الا اراده الله به ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا".
و كفى للرياء ذما انه يوجب الاستحقار لله وجعله اهون من عباده الضعفاء الذين لا يقدرون نفعا ولا ضرا، اذ من قصد بعبادة الله عبدا من عبيده فلا ريب في ان ذلك لاجل ظنه بان هذا العبد اقدر على تحصيل اغراضه من الله وانه اولى بالتقرب اليه منه تعالى واى استحقار بمالك الملوك اشد من ذلك.
* جامع السعادات / العلامة النراقي_ فصل الرياء.
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق