الورع عن محارم الله
((وتزودوا في شهر الله))
... فسأله أمير المؤمنين عليه السلام: "ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّ وجلّ"1.
من أهمّ المراقبات التي ينبغي أن نوليها اهتماماً خاصّاً في شهر رمضان مسألة الورع والإحجام عن المحرّمات لما له من أهمية خاصّة، إذ اتفق علماء الأخلاق أنّ التخلية بما تعني اجتناب النفس للرذائل والمحرّمات تعتبر أساساً للبناء الأخلاقي التي سُيقامعلى أرض النفس الإنسانية، وبالتالي فإنّ الورع بما يعني الملكة أو الحالة النفسية التي تعصم صاحبها عن الدخول في الشبهات والمحرّمات بل تتعداها إلى بعض المباحات من الطبيعي أن تشكل العمود الفقريّ لحالة التخلية الأخلاقية، ولذلك اعتبرتالروايات الشريفة أنّ الورع أساس الدين وشيمة المخلصين ومصلح النفوس والأديان وعمارة العلم حتى ورد عن الإمام علي عليه السلام: "ورع الرجل على قدر دينه"2.
دور الورع في العبادة
وقد أكَّدت الروايات الشريفة الأخرى أولوية الورع عن محارم الله على غيره من الأعمال، فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "تَرْكُ لقمة الحرام أحبّ إلى الله من صلاة ألفي ركعة تطوعاً…3" وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "غضّ الطرف عن محارم الله أفضل عبادة"4 وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: "من أجتنب ما حرّم الله فهو من أعبد الناس"5.
ويتعدّى القبول ليشمل كافّة المعاملات مع أهل الورع فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "الصلاة خلف رجل ورع مقبولة، والهدية إلى رجل ورع مقبولة، والجلوس مع رجل ورع من العبادة، والمذاكرة معه صدقة".
أ- من أهل الجنة بلا حساب:6 فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "قال الله تعالى: يا موسى، إنه لن يلقاني عبد في حاضر القيامة إلا فتشته عمّا في يديه إلا من كان من الورعين، فإني استحييهم وأجلّهم وأكرمهم وأدخلهم الجنّة بغير حساب"7.
ب- أفضل التقرّب: والورع عن محارم الله سبحانه لا يقلّ درجة عن التقرب إلى الله بالفرائض، فعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: "فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى عليه السلام يا موسى ما تقرب إليّ المتقربون بمثل الورع عن محارمي فإني أبيحهم جنات عدن لاأشرك معهم أحدا8"ً.
ج- شيمة الوالين: عن الإمام عليّ عليه السلام: "من أحبّنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع، فإنه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والآخرة"9.
الإمام الصادق عليه السلام: "عليكم بالورع، فإنه الدين الذي نلازمه، وندين الله به، ونريده ممن يوالينا"10.
وعن الإمام الباقر عليه السلام - لخيثمة، لما دخل عليه ليودعه -: "أبلغ موالينا السلام عنّا، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأعلمهم يا خيثمة أنا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلا بعمل، ولن ينالوا ولايتنا إلا بورع"11.
د - جليس الله: والمراد هنا مقام القرب من المليك المقتدر الذي يناله الورِع، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "جلساء الله غداً أهل الورع والزهد في الدنيا"12.
هـ- مضاعفة الأجر: فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ركعتان من رجل ورع أفضل من ألف ركعة من مخلط"13. والمخلط من لا ورع له فاختلط حلاله بحرامه.
آثار عدم الورع
ولقلّة الورع آثارها الوخيمة التي لا ينفع معها شيء ولا يجبرها أيّ عملٍ من الأعمال، فعدم الورع تهديد شيطاني مستمرّ، فمثل الذي يسير بلا ورع كمثل الذي يسير تحت المطر وهو يتمنى أن لا يتبلّل بالماء، ونقتصر هنا على بعض الروايات التيأشارت إلى ويلات فقدان النفس للورع:
أ- عدم قبول الأعمال: فالأعمال بين قبولها وردّها ببركة الورع وعدمه، فكما أنّ الورع يُسهم في قبول الأعمال فإنّ عدمه يُسهم في ردّ الأعمال وحبطها، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لو صلّيتم حتى تكونوا كالأوتاد، وصمتم حتى تكونوا كالحنايا لم يقبل الله منكمإلا بورع"14.
وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ليجيئنّ أقوام يوم القيامة لهم حسنات كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار، قيل: يا رسول الله: أمصلّون؟ قال: كانوا يصلون ويصومون ويأخذون من الليل لكنهم كانوا إذا لاح لهم شيء من الدنيا وثبوا إليه"15.
ب- فساد الدين: لأنّ جمال صورة المتدين في ورعه واجتنابه المعاصي قبل أن يكون في قيامه بواجباته والفرائض، وعليه فمن لا ورع له فإنه يفسد دينه ويقدمه للآخرين بصورة مشوّهة،فعن الإمام علي عليه السلام: "أفسد دينه من تعرى عن الورع"16.
ج- إعراض الله عنه: أي إنّ الله لا يعبأ بعمله ولا ينظر إليه وهو الخسران المبين، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من لم يكن له ورع يرده عن معصية الله تعالى إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله، فذلك مخافة الله في السرّ والعلانية، والاقتصاد في الفقروالغنى،والعدل عند الرضا والسخط"17.
* كتاب وتزودوا في شهر الله، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الأمالي، ص 155.
2- عيون الحكم والمواعظ، ص 503.
3- ميزان الحكمة، ج1، ص 597.
4- ميزان الحكمة، ج 3، ص 1802.
5- وسائل الشيعة، ج15، ص 258.
6- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
7- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
8- الكافي، ج2، ص 80.
9- ميزان الحكمة، ج4، ص 3509.
10- المصدر نفسه.
11- ميزان الحكمة، ج4، ص 3509.
12- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
13- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
14- عدة الداعي، ص 140.
15- عدة الداعي، ص 295.
16- ميزان الحكمة، ج4، ص 3510.
17- الكافي، ج3، ص 454.
((وتزودوا في شهر الله))
... فسأله أمير المؤمنين عليه السلام: "ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّ وجلّ"1.
من أهمّ المراقبات التي ينبغي أن نوليها اهتماماً خاصّاً في شهر رمضان مسألة الورع والإحجام عن المحرّمات لما له من أهمية خاصّة، إذ اتفق علماء الأخلاق أنّ التخلية بما تعني اجتناب النفس للرذائل والمحرّمات تعتبر أساساً للبناء الأخلاقي التي سُيقامعلى أرض النفس الإنسانية، وبالتالي فإنّ الورع بما يعني الملكة أو الحالة النفسية التي تعصم صاحبها عن الدخول في الشبهات والمحرّمات بل تتعداها إلى بعض المباحات من الطبيعي أن تشكل العمود الفقريّ لحالة التخلية الأخلاقية، ولذلك اعتبرتالروايات الشريفة أنّ الورع أساس الدين وشيمة المخلصين ومصلح النفوس والأديان وعمارة العلم حتى ورد عن الإمام علي عليه السلام: "ورع الرجل على قدر دينه"2.
دور الورع في العبادة
وقد أكَّدت الروايات الشريفة الأخرى أولوية الورع عن محارم الله على غيره من الأعمال، فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "تَرْكُ لقمة الحرام أحبّ إلى الله من صلاة ألفي ركعة تطوعاً…3" وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "غضّ الطرف عن محارم الله أفضل عبادة"4 وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: "من أجتنب ما حرّم الله فهو من أعبد الناس"5.
ويتعدّى القبول ليشمل كافّة المعاملات مع أهل الورع فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "الصلاة خلف رجل ورع مقبولة، والهدية إلى رجل ورع مقبولة، والجلوس مع رجل ورع من العبادة، والمذاكرة معه صدقة".
أ- من أهل الجنة بلا حساب:6 فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "قال الله تعالى: يا موسى، إنه لن يلقاني عبد في حاضر القيامة إلا فتشته عمّا في يديه إلا من كان من الورعين، فإني استحييهم وأجلّهم وأكرمهم وأدخلهم الجنّة بغير حساب"7.
ب- أفضل التقرّب: والورع عن محارم الله سبحانه لا يقلّ درجة عن التقرب إلى الله بالفرائض، فعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: "فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى عليه السلام يا موسى ما تقرب إليّ المتقربون بمثل الورع عن محارمي فإني أبيحهم جنات عدن لاأشرك معهم أحدا8"ً.
ج- شيمة الوالين: عن الإمام عليّ عليه السلام: "من أحبّنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع، فإنه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والآخرة"9.
الإمام الصادق عليه السلام: "عليكم بالورع، فإنه الدين الذي نلازمه، وندين الله به، ونريده ممن يوالينا"10.
وعن الإمام الباقر عليه السلام - لخيثمة، لما دخل عليه ليودعه -: "أبلغ موالينا السلام عنّا، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأعلمهم يا خيثمة أنا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلا بعمل، ولن ينالوا ولايتنا إلا بورع"11.
د - جليس الله: والمراد هنا مقام القرب من المليك المقتدر الذي يناله الورِع، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "جلساء الله غداً أهل الورع والزهد في الدنيا"12.
هـ- مضاعفة الأجر: فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ركعتان من رجل ورع أفضل من ألف ركعة من مخلط"13. والمخلط من لا ورع له فاختلط حلاله بحرامه.
آثار عدم الورع
ولقلّة الورع آثارها الوخيمة التي لا ينفع معها شيء ولا يجبرها أيّ عملٍ من الأعمال، فعدم الورع تهديد شيطاني مستمرّ، فمثل الذي يسير بلا ورع كمثل الذي يسير تحت المطر وهو يتمنى أن لا يتبلّل بالماء، ونقتصر هنا على بعض الروايات التيأشارت إلى ويلات فقدان النفس للورع:
أ- عدم قبول الأعمال: فالأعمال بين قبولها وردّها ببركة الورع وعدمه، فكما أنّ الورع يُسهم في قبول الأعمال فإنّ عدمه يُسهم في ردّ الأعمال وحبطها، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لو صلّيتم حتى تكونوا كالأوتاد، وصمتم حتى تكونوا كالحنايا لم يقبل الله منكمإلا بورع"14.
وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ليجيئنّ أقوام يوم القيامة لهم حسنات كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار، قيل: يا رسول الله: أمصلّون؟ قال: كانوا يصلون ويصومون ويأخذون من الليل لكنهم كانوا إذا لاح لهم شيء من الدنيا وثبوا إليه"15.
ب- فساد الدين: لأنّ جمال صورة المتدين في ورعه واجتنابه المعاصي قبل أن يكون في قيامه بواجباته والفرائض، وعليه فمن لا ورع له فإنه يفسد دينه ويقدمه للآخرين بصورة مشوّهة،فعن الإمام علي عليه السلام: "أفسد دينه من تعرى عن الورع"16.
ج- إعراض الله عنه: أي إنّ الله لا يعبأ بعمله ولا ينظر إليه وهو الخسران المبين، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من لم يكن له ورع يرده عن معصية الله تعالى إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله، فذلك مخافة الله في السرّ والعلانية، والاقتصاد في الفقروالغنى،والعدل عند الرضا والسخط"17.
* كتاب وتزودوا في شهر الله، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الأمالي، ص 155.
2- عيون الحكم والمواعظ، ص 503.
3- ميزان الحكمة، ج1، ص 597.
4- ميزان الحكمة، ج 3، ص 1802.
5- وسائل الشيعة، ج15، ص 258.
6- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
7- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
8- الكافي، ج2، ص 80.
9- ميزان الحكمة، ج4، ص 3509.
10- المصدر نفسه.
11- ميزان الحكمة، ج4، ص 3509.
12- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
13- ميزان الحكمة، ج4، ص 3512.
14- عدة الداعي، ص 140.
15- عدة الداعي، ص 295.
16- ميزان الحكمة، ج4، ص 3510.
17- الكافي، ج3، ص 454.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق