الحبّ الإلهيّ للمجاهدين
((زاد عاشوراء))
﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾1.
سنّة ابتلاء المؤمنين بالقتال:
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾2.
هذه الآية من سورة الحديد تتحدّث بالجملة عن أنّ سنّة الله من الهداية للبشر هي إرسال الرسل مع الحجج المقنعة والدلائل المؤكّدة كالمعجزات، وذلك ليؤمن النّاس وليصدّقوا بنبوّة الأنبياء ورسوليّة الرسل، ويستجيب النّاس للمشروع الإلهيّ للحياة البشريّة، ولذا من السنن الإلهيّة أن يرسل مع النبيّين والمرسلين الكتب السماويّة والقوانين المنظّمة للحياة البشريّة.
والأصل في ذلك أسلوب الإقناع من خلال الأدلّة والبراهين، والهدف جعل تطبيق المشروع الإلهيّ عمليّاً على عاتق النّاس، وكما يحتاج المشروع إلى قائد ودستور إلهيّين كذلك لا يستقيم إلّا بمعونة وإستجابة من الجماهير والأمم وهذا يعني أنّ إجراء القوانين الإلهيّة وحمل المشروع الإلهيّ منوط بتحمّل النّاس له عن حرّيّة واختيار.
ومعنى ذلك أنّ دعوة الأنبياء وحركاتهم ستلاقي أنصاراً لكنّها كذلك ستلاقي أعداء، وقد تصل الأمور بين الطرفين إلى الحرب والقتال، ولذلك كانت الإشارة إلى إنزال الحديد مع الإشارة إلى البأس الذي منه.
وقد كشف المولى عن سرّ المشيئة الإلهيّة في ذلك، وهو ظهور أنصار الحقّ أنصار دين الله من غيرهم، ذلك أنّه في الأمن والدّعة والسلام والسلامة قد يكون كلّ نصيراً للحقّ ولدين الله، ولكن ثمّة مرتبة راقية من الإيمان والصدق فيه محكّها الجهاد والقتال، وهؤلاء المجلّون في حركة الرسل تكشف معادنهم الحرب وهذا ما أشار إليه تعالى بقوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾3.
الربيّون نموذج قرآنيّ:
لقد أورد الله تعالى في كتابه الكريم الكثير من القصص ليثبّت به قلب النبيّ وقلوب المؤمنين، ومن النماذج التي ذكرها لتكون أسوة لهم الربيّون حيث قال تعالى عنهم: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾4.
لقد اختار الله لمجموعة المؤمنين حقّاً بالانبياء ورسالاتهم اسماً خاصّاً هو الربيّون، وفي معنى هذا الاسم والوصف قال صاحب تفسير الميزان: الربيّون جمع ربّيّ وهو كالربّانيّ، من اختصّ بربّه تعالى فلم يشتغل بغيره.
فهم على ذلك مخلصون له في الإيمان بالرسل والرسالات، ومتفاعلون معها بالإعانة للرسل في مهامهم وتحمّل مشاقّ هذه المعونة، ومن جملة هذه المعونة القتال والجهاد.
الحبّ الإلهيّ عاقبة الجهاد:
لقد ذكرت الآيات مرتبتين للحبّ الإلهيّ الذي حصل عليه المخلصون لله في إيمانهم ذلك الإيمان الذي يتجلّى في تحمّل مسؤوليّة الدفاع عن الرسل والرسالات بالأنفس قتالاً، والمقامان هما:
1- مقام الصابرين:
تشير الآيات إلى أنّ الربيّين بادروا إلى القتال وكان من مواصفات قتالهم:
- القتال تحت قيادة القائد الإلهيّ: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير﴾.
- الثبات المعنويّ والنفسيّ والروحيّ، ولذا فقد نفى الله عنه الوهن، حيث لم يؤثّر في حماسهم ومعنويّاتهم، وروحيّتهم، وبالتالي عزائمهم معاناة الجهاد ومشاقّه وتكاليفه حيث قال تعالى: ﴿فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ...﴾ ليضيف بما يشبه التحليل أنّ ذلك: ﴿...فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ فهم لا تضعف معنويّاتهم لأنّ ما يصيبهم هو سبيل الله.
- عدم الضعف الماديّ: فكما أنّ أرواحهم وأنفسهم لا تضعف كذلك أبدانهم لا تضعف في ميادين المواجهة.
- لا يتوقّفون عن الحركة: فتحمّلهم لما يصيبهم من أهوال القتال وآلام الجراح وغير ذلك لا يعني فقط الصمود بعدم التراجع والثبات، وإنّما بدوام الحركة باتّجاه الأهداف والمواقع، ولذا قال تعالى: ﴿...وَمَا اسْتَكَانُواْ﴾.
نتيجة هذا كلّه ينالون حبّ الله لأنّهم بعدم الوهن وعدم الضعف ودوام الحركة قد وفّقوا لتحقيق صفة الصبر التي تجعلهم محبوبين لله تعالى إذ قال: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين﴾.
2- مقام المحسنين:
ثمّة درجة أرقى من الصبر ومنزلة حبّ إلهيّ أعلى من محبّة الصابرين وهي للمحسنين وفي ذلك نستفيد من الآيات ما يلي:
- الصبر: يفتح باب الموفّقيّة لدعائه تعالى، أو أنّ الله أراد الإشارة أنّ مكابدة آلام القتال وأهواله لم تنس هؤلاء الله بل كان سبباً في توجّههم إليه في الدعاء وهذا ما يشعر به قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ...﴾ أي أنّهم لم يتذمّروا ويسيؤوا الظنّ به تعالى بل لجؤوا إليه بالدعاء.
- التوجّه إلى ربوبيّة الله ومدبّريّته ونسبة أنفسهم إلى ربوبيّته، فهم مربوبون ولهم ربّ هو الله وإليه من هذا الموقع يتوجّهون.
- يحذرون ممّا يمنع من إستجابة الله للدعاء: لذلك يقدّمون طلب المغفرة تواضعاً أوّلاً، وثانياً لإزالة المنفّرات عن سماع المولى لدعائه وهي روائح الذنوب.
- بعد رفع موانع الإجابة يطلبون الحاجة وهي النّصر والتثبيت، وفي ذلك حكمة منهم واضحة فقد طلبوا التثبيت وعدم الانهزام، ثمّ عقّبوا ذلك بطلب النّصر فقالوا: ﴿وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين﴾.
- نتيجة الجهاد والصبر والدعاء يوجد أمور ثلاثة:
1- ثواب الدنيا وهو التثبيت والنّصر.
2- حسن ثواب الآخرة.
3- الحبّ الإلهيّ.
خاتمة: الحبّ الأرقى للمحسنين:
تشير الآيات أخيراً إلى أنّه ثمّة مرتبة راقية من حبّ الله، يمنحها الله تعالى ويفيضها، ويلبسها المخلصين في قتال أعدائه وأعداء رسله وأعداء رسالاته وذلك لأنّهم محسنون، إذ يقول: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ فالمقام الأوّل كان لهم لتجسيدهم صفة الصبر في النّفوس بعدم التراجع الروحيّ والمعنويّ، وفي الأجساد بعدم الضعف والاستمرار بالحركة والعمل، وأمّا الثانية التي هي أرقى - والأولى ممرّ ومقدّمة لها - حصلت لهم وارتقوا إليها لأنّهم ضمّوا إلى الصبر اللجوء إلى الله تعالى، فبعد تحقيق الصمود في وجه الأعداء صمدوا إلى الله بحوائجهم فصاروا بذلك في زمرة المحبوبين لله لأنّهم بذلك صاروا محسنين.
1- سورة آل عمران، الآية: 146.
2- سورة الحديد، الآية: 25.
3- سورة الحديد، الآية: 25.
4- سورة آل عمران، الآية: 146- 148.
((زاد عاشوراء))
﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾1.
سنّة ابتلاء المؤمنين بالقتال:
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾2.
هذه الآية من سورة الحديد تتحدّث بالجملة عن أنّ سنّة الله من الهداية للبشر هي إرسال الرسل مع الحجج المقنعة والدلائل المؤكّدة كالمعجزات، وذلك ليؤمن النّاس وليصدّقوا بنبوّة الأنبياء ورسوليّة الرسل، ويستجيب النّاس للمشروع الإلهيّ للحياة البشريّة، ولذا من السنن الإلهيّة أن يرسل مع النبيّين والمرسلين الكتب السماويّة والقوانين المنظّمة للحياة البشريّة.
والأصل في ذلك أسلوب الإقناع من خلال الأدلّة والبراهين، والهدف جعل تطبيق المشروع الإلهيّ عمليّاً على عاتق النّاس، وكما يحتاج المشروع إلى قائد ودستور إلهيّين كذلك لا يستقيم إلّا بمعونة وإستجابة من الجماهير والأمم وهذا يعني أنّ إجراء القوانين الإلهيّة وحمل المشروع الإلهيّ منوط بتحمّل النّاس له عن حرّيّة واختيار.
ومعنى ذلك أنّ دعوة الأنبياء وحركاتهم ستلاقي أنصاراً لكنّها كذلك ستلاقي أعداء، وقد تصل الأمور بين الطرفين إلى الحرب والقتال، ولذلك كانت الإشارة إلى إنزال الحديد مع الإشارة إلى البأس الذي منه.
وقد كشف المولى عن سرّ المشيئة الإلهيّة في ذلك، وهو ظهور أنصار الحقّ أنصار دين الله من غيرهم، ذلك أنّه في الأمن والدّعة والسلام والسلامة قد يكون كلّ نصيراً للحقّ ولدين الله، ولكن ثمّة مرتبة راقية من الإيمان والصدق فيه محكّها الجهاد والقتال، وهؤلاء المجلّون في حركة الرسل تكشف معادنهم الحرب وهذا ما أشار إليه تعالى بقوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾3.
الربيّون نموذج قرآنيّ:
لقد أورد الله تعالى في كتابه الكريم الكثير من القصص ليثبّت به قلب النبيّ وقلوب المؤمنين، ومن النماذج التي ذكرها لتكون أسوة لهم الربيّون حيث قال تعالى عنهم: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾4.
لقد اختار الله لمجموعة المؤمنين حقّاً بالانبياء ورسالاتهم اسماً خاصّاً هو الربيّون، وفي معنى هذا الاسم والوصف قال صاحب تفسير الميزان: الربيّون جمع ربّيّ وهو كالربّانيّ، من اختصّ بربّه تعالى فلم يشتغل بغيره.
فهم على ذلك مخلصون له في الإيمان بالرسل والرسالات، ومتفاعلون معها بالإعانة للرسل في مهامهم وتحمّل مشاقّ هذه المعونة، ومن جملة هذه المعونة القتال والجهاد.
الحبّ الإلهيّ عاقبة الجهاد:
لقد ذكرت الآيات مرتبتين للحبّ الإلهيّ الذي حصل عليه المخلصون لله في إيمانهم ذلك الإيمان الذي يتجلّى في تحمّل مسؤوليّة الدفاع عن الرسل والرسالات بالأنفس قتالاً، والمقامان هما:
1- مقام الصابرين:
تشير الآيات إلى أنّ الربيّين بادروا إلى القتال وكان من مواصفات قتالهم:
- القتال تحت قيادة القائد الإلهيّ: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير﴾.
- الثبات المعنويّ والنفسيّ والروحيّ، ولذا فقد نفى الله عنه الوهن، حيث لم يؤثّر في حماسهم ومعنويّاتهم، وروحيّتهم، وبالتالي عزائمهم معاناة الجهاد ومشاقّه وتكاليفه حيث قال تعالى: ﴿فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ...﴾ ليضيف بما يشبه التحليل أنّ ذلك: ﴿...فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ فهم لا تضعف معنويّاتهم لأنّ ما يصيبهم هو سبيل الله.
- عدم الضعف الماديّ: فكما أنّ أرواحهم وأنفسهم لا تضعف كذلك أبدانهم لا تضعف في ميادين المواجهة.
- لا يتوقّفون عن الحركة: فتحمّلهم لما يصيبهم من أهوال القتال وآلام الجراح وغير ذلك لا يعني فقط الصمود بعدم التراجع والثبات، وإنّما بدوام الحركة باتّجاه الأهداف والمواقع، ولذا قال تعالى: ﴿...وَمَا اسْتَكَانُواْ﴾.
نتيجة هذا كلّه ينالون حبّ الله لأنّهم بعدم الوهن وعدم الضعف ودوام الحركة قد وفّقوا لتحقيق صفة الصبر التي تجعلهم محبوبين لله تعالى إذ قال: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين﴾.
2- مقام المحسنين:
ثمّة درجة أرقى من الصبر ومنزلة حبّ إلهيّ أعلى من محبّة الصابرين وهي للمحسنين وفي ذلك نستفيد من الآيات ما يلي:
- الصبر: يفتح باب الموفّقيّة لدعائه تعالى، أو أنّ الله أراد الإشارة أنّ مكابدة آلام القتال وأهواله لم تنس هؤلاء الله بل كان سبباً في توجّههم إليه في الدعاء وهذا ما يشعر به قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ...﴾ أي أنّهم لم يتذمّروا ويسيؤوا الظنّ به تعالى بل لجؤوا إليه بالدعاء.
- التوجّه إلى ربوبيّة الله ومدبّريّته ونسبة أنفسهم إلى ربوبيّته، فهم مربوبون ولهم ربّ هو الله وإليه من هذا الموقع يتوجّهون.
- يحذرون ممّا يمنع من إستجابة الله للدعاء: لذلك يقدّمون طلب المغفرة تواضعاً أوّلاً، وثانياً لإزالة المنفّرات عن سماع المولى لدعائه وهي روائح الذنوب.
- بعد رفع موانع الإجابة يطلبون الحاجة وهي النّصر والتثبيت، وفي ذلك حكمة منهم واضحة فقد طلبوا التثبيت وعدم الانهزام، ثمّ عقّبوا ذلك بطلب النّصر فقالوا: ﴿وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين﴾.
- نتيجة الجهاد والصبر والدعاء يوجد أمور ثلاثة:
1- ثواب الدنيا وهو التثبيت والنّصر.
2- حسن ثواب الآخرة.
3- الحبّ الإلهيّ.
خاتمة: الحبّ الأرقى للمحسنين:
تشير الآيات أخيراً إلى أنّه ثمّة مرتبة راقية من حبّ الله، يمنحها الله تعالى ويفيضها، ويلبسها المخلصين في قتال أعدائه وأعداء رسله وأعداء رسالاته وذلك لأنّهم محسنون، إذ يقول: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ فالمقام الأوّل كان لهم لتجسيدهم صفة الصبر في النّفوس بعدم التراجع الروحيّ والمعنويّ، وفي الأجساد بعدم الضعف والاستمرار بالحركة والعمل، وأمّا الثانية التي هي أرقى - والأولى ممرّ ومقدّمة لها - حصلت لهم وارتقوا إليها لأنّهم ضمّوا إلى الصبر اللجوء إلى الله تعالى، فبعد تحقيق الصمود في وجه الأعداء صمدوا إلى الله بحوائجهم فصاروا بذلك في زمرة المحبوبين لله لأنّهم بذلك صاروا محسنين.
1- سورة آل عمران، الآية: 146.
2- سورة الحديد، الآية: 25.
3- سورة الحديد، الآية: 25.
4- سورة آل عمران، الآية: 146- 148.